تطبيقا لمقولة أن الموسيقى لغة عالمية، تقود فنانتان فلسطينية وبرتغالية عملا مشتركا بعنوان "مينا" يخرج أغاني الشعوب التراثية من مكامنها في مناطق مختلفة من المعمورة، بتوزيع وأداء جديدين وتطوفان به العالم.
تتشكل "مينا" من الفنانة الفلسطينية تريز سليمان والبرتغالية صوفيا برتغال ومعهما فرقة موسيقيين برتغاليين هم: روي فيريرا، وبيدرو بيريرا، وريكاردو كويلو، وهي تقدم أعمالها بلغات ولهجات شتى.
منذ نحو أسبوع تؤدي "مينا" عروضها في المدن الفلسطينية مرة واحدة على الأقل كل أسبوع، وتشهد صالات العرض إقبالا واسعا على سماع أغانيها التراثية التي يختلط فيها المحلي والكوني بلحن إنساني جميل.
وتجمع الأغاني قصّة المكان والإنسان، القصص الأولى المرتبطة بالطبيعة والبساطة، الحب والحرب، وعود العشاق للقاء عند عين ماء، ووعود الثوّار بالحرية ومجمل العلاقات الإنسانية، وهي من صعيد مصر، وسوريا، والمغرب، وإسبانيا، والبرتغال، والعراق، وتونس وفلسطين.
"تؤدي فرقة "مينا" عروضها في المدن الفلسطينية مرة واحدة على الأقل كل أسبوع، وتشهد إقبالا واسعا على سماع أغانيها التراثية التي يختلط فيها المحلي والكوني بلحن إنساني جميل"
تستلهم "مينا" أغاني من فلكلور "دير الزور" في سوريا، وتحديدا ما تسمّى أغاني العمل، تلك التي يردّدها العمّال والمزارعون أيّام حصاد الحقول، أو في المناسبات التقليدية وتغني معها نسختها الفلسطينية. كما تغني أغاني تراثية من البرتغال تشبه في مضامينها الأغاني العربية.
وتوضح الفنانة البرتغالية صوفيان برتغال للجزيرة نت أن تعشيب الأرض حرفة كانت تشتهر فيها منطقة "ألين تيغو" في البرتغال وعملت بها النساء للمشاركة في إعالة العائلات، مشيرة إلى أن النساء العشّابات كن يلبسن زيّهن الخاص باستخدام الدبابيس والخيوط لحماية أنفسهن من الأفاعي والحشرات الضارة.
وتابعت أنه من حقول تلك المنطقة نمت أغنية "بانتيي أوميو كابيلو" وتعني "سرّحت شعري"، وهي أغنية ترفيهية تروي فيها سيدة من هناك اصطحابها أمّها إلى الحقل لتشاركها العمل الشاق الذي لا يعرف الراحة.
ووفق الأغنية التي تقدمها صوفيان بمساعدة تريز سليمان أيضا، تنام في الحصاد النساء على العشب ولا يرجعن إلى بيوتهن حتى يكسبن وقتا أكثر للعمل، لكنهن يواظبن على الغناء والرقص إلى جانب العمل.
نفحات تراثية
و"يا طالعين الجبل" واحدة من أغاني المقاومة من أفواه نسوة فلسطينيات، وهي عبارة عن مناداة من هؤلاء النسوة للأسرى في سجون الاحتلال البريطاني، يقفن حول جدران السجن.
"تؤمن تريز سليمان بضرورة إعادة إنتاج التراث والمعرفة اتجاهه، وتشير إلى أن مشكلته ليست في إحيائه أو العودة إليه، بل هي في إنتاج المعرفة العلمية به"
وتغني "مينا" أيضا "أشتاتا"، وهي أهزوجة شعبية من أطفال المغرب عند الهطول الأوّل للمطر، و"بتّي سهرانة" وهي أغنية من تونس تروي قصّة حبّ غير متاح.
وعن الدافع لهذا العمل الخلاق تؤكد الفنانة تريز سليمان الحاجة إلى استنطاق التراث بأغنياته وحكاياته وخباياه الحضارية والاجتماعية والعاطفية والإنسانية أيضًا.
كنز ورسالة
وتقول تريز سليمان للجزيرة نت إنها تؤمن بضرورة إعادة إنتاج التراث والمعرفة اتجاهه، لافتة إلى أن مشكلته ليست في إحيائه أو العودة إليه، بل هي في إنتاج المعرفة العلمية به.
وعن التوقيت تقول تريز إن الصور التي تصل العالم اليوم مشوهة، لاسيما من العالم العربي، وتقول "كأنّها مدن جديدة لا نعرفها.. ملطّخة ومترهّلة".
وتتابع "بالنسبة لمينا، الأغنية هي مساحة كفيلة بإعادة المدن الأصليّة وصورها النقيّة المغيّبة التي لم نعد نجدها في عصرنا السريع، فنبحث عن جمالها في أماكن بعيدة ومتخيّلة وهي كامنة في تراثنا بكامل بساطتها. وتتفق تريز وصوفيان على أن "مينا" منجم التاريخ، ومرفأ الأغنية، ورسالة موسيقية عن أخوة الشعوب.
......................................................................................
#Press
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق